الاثنين، 10 أكتوبر 2011

العنف في مدارس البنات.. دماء على أيادي الصغار وخدوش في جدار التربية




في
مدارس البنات قصص وحكايات وصراعات باليد تارة وبالكلام تارة أخرى الأمر الذي قفز بالصورة التربوية المنشودة عن كادرها وجعل من العنف المدرسي ظاهرة تحتاج لوقفة عاجلة وربما علاجا.. حوادث دامية يكون الجاني والضحية من الجنس الناعم، وفي مرحلة عمرية يفترض أن تكون مفعمة بمشاعر الحب والألفة وتقبل الآخرين وكثيرا ما تقف المديرة والمعلمات حائرات حين يتعالى الصراخ داخل الفناء المدرسي أو في أحد الفصول. مشيرة إلى ظاهرة عنف جديدة قد تنتهي بتمزيق الملابس وإراقة الدماء.. وهذا مؤشر على سلبيات وآثار نفسية تعيشها الطالبة بوضوح في المرحلة المتوسطة وتشتد في المرحلة الثانوية ربما تقدم فيها الطالبة على الاعتداء على معلمتها أو مديرتها بأسلوب همجي لا يمت للتربية والأدب مما يدعو إلى احتواء الظاهرة ودراستها.

الظاهرة دعت (المدينة) لقراءة أمينة وسماع بآذان مصغية لآراء المديرات والمعلمات وتحليلاتهن عن الأسباب التي اوصلت مدارسنا إلى هذا النفق وكذلك الوقوف عند مرئياتهن في العلاج.

اعتداء على المديرة

مديرة مدرسة تروي كيف قامت إحدى الطالبات بضربها بسبب أنها منعتها من الحديث مع زميلاتها أثناء محاضرة جماعية لطالبات المدرسة وعندما لم تمتثل واستمرت في إثارة الفوضى حاولت المديرة سحبها من يدها لإخراجها من المحاضرة، فقامت بالاعتداء على المديرة بالضرب وسحبتها من شعرها أمام الطالبات. وأخرى ضربت المعلمة في الفصل على رأسها بالكتاب فوقعت مغشيا عليها.

وكثير من القصص التي تحكي سلسلة العنف في المدارس.. ومن هذا المنطلق ترى المشرفة التربوية وعضو لجنة الحماية الاجتماعية شرف القرافي أن العنف المدرسي يأتي في هذه المرحلة بسبب مؤثرات فسيولوجية ونفسية وأسرية من سن الثالثة عشرة حتى الثامنة عشرة تحت ضغط عدد من المتغيرات الجسدية والعاطفية التي تجعل الفتاة عرضة لسرعة الانفعال وعدم القدرة على ضبط العواطف وافتعال المشكلات. وقد يكون الجو الأسري داخل المنزل من أهم الأسباب التي تؤثر في تلك الظاهرة حيث المناخ الأسري الملبد بالمشاجرات والعدوانية بين الوالدين يدفع بالفتاة في تلك السن الحساسة إلى اكتساب الكثير من الصفات العدوانية والدخول في جو الصراعات مع من حولها.

أفلام العنف

وتؤكد القرافي أن التأثير السلبي لأفلام العنف التي تشاهدها الفتيات المراهقات لها أثر سلبي على تصرفاتهن بسبب حساسية المشاعر التي تصاحب مرحلة النمو في تلك المرحلة.

وأشارت إلى أن الإحباطات المقصودة وغير المقصودة في حياة المراهقة سبب للعنف كنتيجة للشعور بالنقص والدونية ولعل عدم وعي كثير من الآباء والأمهات والمعلمات في المدرسة بأهمية استخدام التشجيع بدلا من ألفاظ التوبيخ والتقليل من قدرات الأطفال والمراهقين يساهم في تقليل استعدادهم للعنف داخل المدرسة. وأشارت القرافي إلى أن كثيرا من الآباء والأمهات والمعلمات يخلقون عائقا أمام شعور الفتاة بأهميتها في المجتمع الأسري ومحيطها الاجتماعي والمدرسي. لذلك عندما تزيد وتيرة العنف داخل المدرسة عن حدها الطبيعي فإن هذا يستدعي تدخلا علاجيا لربما تكون أسباب العنف بسبب مشكلات صحية. فقد اكتشف فريق من الباحثين أن تلف بعض الأنسجة الدماغية لدى بعض الأطفال يمكن أن يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض سواء السلوك الاجتماعي والميل إلى العدوانية وربما امتد ذلك إلى مرحلة الرشد، فالراشد العدواني كان في يوم طفلا عدوانيا لم تتم معالجة سلوكه في الوقت المناسب.

ظاهرة العنف

فاطمة عودة (مديرة مدرسة) تقول: إن ظاهرة العنف المدرسي لها أسباب كثيرة ونحن كمجتمع مدرسي لا ننفي أن هناك بوادر عنف تساهم من اتساع فجوة الصراعات بين الطالبة وزميلاتها ومعلماتها بسبب التفريق وعدم الحوافز والتشجيع. ومواجهة عنف بعض الطالبات بالصد أو بالتوبيخ أمام زميلاتهن أو نقل مشكلة الطالبة مباشرة وإطلاع الأهل عليها دون احتوائها بطريقة تربوية المفترض أن تعالجها المدرسة فتعرض الطالبة للإهانة من أهلها أو الضرب أحيانا فينعكس ذلك سلبا على تصرفاتها فتشعر بالقهر والذل خاصة إذا علمت زميلاتها بالموقف فيزيد ذلك من انفصالها وتمردها على من حولها، وتبدأ بفرض سيطرتها على من هي أقل منها سنا وأضعف جسدا والنيل منهم بطريقة عنيفة تشعرها بالقوة والانتصار كردة فعل لما حدث لها من عنف أسري ومدرسي، وهذا يبين غياب وضعف دور المرشدات الطلابيات في تفريغ العنف في المدرسة والقضاء على السلبيات المتكررة والتعاملات غير التربوية من المديرة والمعلمة، إذ إن جانب التخصص من عمل المرشدة غير متوفر إلى جانب التفرغ التام لبعضهن، لذلك لابد من التنسيق مع شعبة الإرشاد واللجان التي أنشأتها الوزارة لمتابعة كافة قضايا العنف في المدارس لتحقيق أهداف مشتركة تحمي جميع الأطراف.

العقاب يولد العنف

وترى المرشدة الطلابية حنان عايد أن من الظلم فرض عقوبات على الطالبة سواء من درجات السلوك أو الحرمان الدراسي لفترة محدودة ما لم تتم دراسة وضعها الأسري وتوضيح الأسباب والدوافع لارتكابها أي حمق أو عنف داخل المدرسة لأن العقاب أحيانا يؤدي إلى نتيجة عكسية على سلوك الطالبة وتصرفاتها، إضافة إلى تشويه سمعتها في حالة التنديد بما نزل عليها من عقاب بشكل علني، وهذا يحدث من بعض المديرات رغم توصية الإدارة بالتعامل مع الطالبات المحرومات من الدراسة بشكل سري لأي سبب من الأسباب التي أدت إلى حرمانها فقط لإحاطة المديرة بالأسماء المستبعدة من التسجيل لفترة محدودة، وأنا لا أطلب التجاوز عن أخطاء الطالبة بقدر ما أرجو أن يتعامل مع مشكلتها بشكل إنساني لا يترك آثارا نفسية ومستقبلية على الفتاة ويجعلها تعود للمدرسة محملة بالحقد والنقمة لتصفية ما بداخلها بقسوة وعنف على محيطها سواء بالضرب أو باللفظ، وأن يكون تأهيل الطالبة العدوانية والعنيفة وذات السلوك المنبوذ بمتابعة سلوكها وعرضها على أخصائية الوحدة المدرسية.

من أسباب العنف

أما مديرة المدرسة 34 سمية الحازمي فترجع من وجهة نظرها مشاجرات الطالبات في هذه المرحلة الحساسة إلى ظروف أسرية ساهمت في زرع حب التملك والأنانية عند الطالبة فلا تشعر بالأخريات فيثرن المشكلات مع زميلاتهن، والبعض منهن نشأن مضطهدات في ظل ظروف أسرية تجعلهن ناقمات على من حولهن منهن من تتعمد لفت الانتباه بإثارة المشكلات في الفصل وفي أحيان كثيرة يؤدي عدم وعي المعلمة في التعامل مع الطالبات بأن تميز إحداهن على الأخريات مما يحدث صدامات بين الطالبات.

تأثير البيئة

أما زبيدة التويجري مديرة ثانوية قالت: تمر الطالبة في مرحلة المراهقة بتغيرات نفسية وجسمية فيكون منها شدة الانفعال الموجه لزميلاتها وهذا يظهر بين طالبات المرحلة المتوسطة والثانوية لتفاوت النضج العقلي والاستيعاب عند بعضهن، ولا ننسى أن للبيئة أثرا كبيرا على سلوك الطالبة، فهناك بعض الشرائح للأسر تظهرها شخصية الطالبة التي تنقل نفس ما يدور في محيطها الأسري من تلفظ وتعامل قاسٍ وعنف مقصود لأن الطالبة استوعبت من محيطها أن الأقوى بطشا والأعلى صراخا هو الأقوى حجة وبالتالي فالحق معه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق